دولة إثيوبيا جمهورية فيدرالية، عرفت إثيوبيا قديما بإسم “الحبشة”، وهي أحد دول القرن الإفريقي ولا تطل على الساحل، مساحة إثيوبيا تقدر بنحو 1،104،300كيلومتر مربع، مما يجعلها ثاني أكبر دولة أفريقية من حيث عدد السكان البالغ تعدادهم (109) مليون نسمة .
تحتل إثيوبيا المرتبة 27 في العالم من حيث المساحة يحدها من الشمال إريتريا، ومن الشمال الغربي السودان، ومن الغرب جنوب السودان، من الشرق كل من جيبوتي والصومال.
تعد منطقة إثيوبيا أكبر منطقة جبلية في القارة، نظرًا لارتفاعها الشاهق، ومدى إرتفاع مساحتها، مقارنة بدول القارة، وقد شهدت زيادة في عدد السكان في السنوات الأخيرة، شهدت العديد من الحضارات الدينية الإسلامية والمسيحية، قصدها المسلمون مرتين هربا من الظلم في عهد ملكها “النجاشي” الذي اعطاهم الأمان، ولعل ذلك مايؤكد أهميتها الإنسانية والتاريخية لجميع الديانات.
ورد ذكر أرض إثيوبيا لأول مرة في التاريخ في مصر القديمة، خلال عهد الدولة القديمة.
التركيبة السكانية
أمهرة تمثل 27.0% من سكان البلاد، في حين أن العرقية الصومالية وتيغري تمثل 6.22% و 6.08% من السكان على التوالي، المجموعات العرقية الأخرى البارزة هي كما يلي: سيداما 4.00٪، 2.52% كوراج، ولايتا 2.27٪، 1.73% عفار، الهدية 1.72٪، 1.49% الإعراس وغيرها 12.6٪. المجتمعات الأفرو آسيوية يشكلون غالبية السكان.
المشهد السياسي الإثيوبي
حكم إثيوبيا الإمبراطور “هيلاسيلاسي” الذي إعتلى العرش عام 1930، بعد نضاله للاحتلال الايطالي والنفي خارج اثيوبيا، وحكم “46”عاما وكان يتطلع إلى ضم إريتريا والصومال إلى مملكته، أطاح به الجيش بعد إحتجاجات وإضظرابات في عام 1974 بقيادة منغيستو هيلا مرايام، الذي تحالف مع الاتحاد السوفييتي، وتوفي هيلاسيلاسي بتاريخ 28 أغسطس 1975 عن يناهز 83 عاما .
هيلاسيلاسي آخر أباطرة إثيوبيا
قام “منغستو هيلا مريام ” بالقضاء على منافسيه وجعل من نفسه دكتاتور إثيوبيا، وجعل من الاقتصاد ماركسيا
لينينيا، فقام بتأميم الاراضي، وخاض حرب أوغادين مع الصومال 1977.
الصراع الإريتري الإثيوبي
كانت إريتريا خاضعة للحكم الإثيوبي، منذ سيتنيات القرن الماضي، حيث خاضت حرب عصابات أجبرت القوات الاثيوبية على الانسحاب، وحصلت على إستقلالها، بعد إجراء إستفتاء شعبي في عام 1993 بقيادة الجبهة الشعبية لتحرير إريتريا بزعامة الماركسي “أسياس أفورقي”.
إقتصاديا
تعرضت إثيوبيا في بداية ثمانينات من القرن الماضي إلى مجاعات كبيرة، وعرفت بهذا اثيوبيا، وذلك بسبب سياسات الحكومة التي أدت لإنتشار الجفاف، والتقلبات المناخية وتكلفة الحروب، أدى هذا الاستقلال إلى إغلاق مداخل البحر الأحمر تماماً عن إثيوبيا، التي كانت تستند إلى الميناءين الإريتريين، عصب أولاً، ومصوع ثانياً، لتأمين إطلالتها على البحر الأحمر، وتصدير بضائعها للخارج، بالتالي باتت إريتريا تمتلك ساحلاً طويلاً على البحر الأحمر، بطول ألف كيلومتر.
نهاية الحكم الشيوعي
سقط نظام منغيستو هيلا مريام بعد 16 من الحكم الدكتاتوري الدموي، في تصفية معارضيه، و السياسات الإقتصادية التي ادت بالبلاد المجاعات وإنعدام التنمية وإنتشار الفقر
الدكتاتور منغيستو هيلا مريام
كان منغيستو هيلا مريام أبرز ضابط في الدرغ، الطغمة العسكرية الشيوعية التي حكمت إثيوبيا من 1974 إلى 1987، ورئيس جمهورية إثيوبيا الديمقراطية الشعبية من 1987 حتى 1991، وقد أشرف على الإرهاب الأحمر الإثيوبي الذي إمتد في الفترة 1977–1978، وكان حملة ضد الحزب الثوري الشعبي الإثيوبي والفصائل الأخرى المناوئة للدرغ، فر منغستو إلى زيمبابوي في عام 1991 في نهاية تمرد طويل ضد حكومته، بقي هناك بالرغم من حكم قضائي إثيوبي غيابي وجده مذنباً بتهمة القتل الجماعي.
عهد ميليس زيناوي
ينحدر من عرقية ” تيغري” قاد أحد الجماعات المسلحة ساعد على الإطاحة بالنظام الشيوعي في عام 1991، وترأس الحكومة منذ عام 1995، وساعدت سياساته الإقتصادية على تحقيق نمو اقتصادي سريع بلغت نسبته 7.5 بالمائة عام 2011، تقدمت إثيوبيا في حكمه نوعيًا في الاقتصاد والانفتاح .
رئيس الوزراء الإثيوبي الراحل مليس زيناوي
في عهده إستقلت إريتريا ولكن الحرب الإثيوبية الإريترية إندلعت في مايو 1998 حتى يونيو 2000 بين إثيوبيا وإرتيريا بسبب النزاع الحدودي والخلافات العرقية والاثنية، جعل الجيش الاثيوبي يتوغل داخل الاراضي الإريترية، وإندلعت حرب أنفقت فيها أموال طائلة وأسهمت في الازمات الاقتصادية، على الرغم من إستمرار حالة الفقر في البلاد، نال إستحسان الغرب لدعم جيشه الحرب ضد المتشددين المرتبطين بتنظيم القاعدة في الصومال المجاور.
يشار إلى أن أثيوبيا من الدول التي تتلقى أكبر مساعدات تنموية غربية، على الرغم من أن جماعات حقوق الإنسان تقول إن زيناوى كان يستخدم العنف في قمع المعارضة والصحفيين، كما كان ينفى الكثير من الصحفيين، وتنفي الحكومة هذه الاتهامات.
حكومة آبي أحمد
هو أحد زعماء النضال المسلح ضمن “الجبهة الديمقراطية لشعب الأورومو”، إحدى جبهات الائتلاف ضد حكم نظام منغستو هايلي، حتى سقط حكم الأخير بعد دخول الائتلاف إلى أديس أبابا، انتخب بعد وفاة ميليس زيناوي، وهو أول رئيس وزراء لإثيوبيا من عرقية “الأورومو” وهي أكبر عرقية وتشكل نسبة 6% من السكان ويأتي إنتخابه بعد سنوات من الحكم عرقية “التيغراي”.
واجه” آبي احمد ” مظاهرات كبيرة في سنة 2015 و 2016 مما إضطر لفرض حالة الطوارئ في البلاد، إبتداءا من عام 2019، إستطاع آبي أحمد من تحقيق إنجازات مهمة في البلاد، وأجرى إصلاحات داخلية إقتصادية وإجتماعية وإنهاء الخلافات القبلية وعقد مصالحات شاملة في البلاد .
أما خارجيا فقد إستطاع إنهاء العداء التاريخي مع إريتريا الذي استمر قرابة 20 عاما، وهو انجاز هام للبلدين.
ولازالت العلاقات الإثيوبية السودانية تشهد توثر بسبب دعم الأخيرة لجبهة تحرير تيغراي، التي تتخذ منها نقطة إنطلاق ودعم.
آبي أحمد رئيس وزراء إثيوبيا
وتأتي مشكلة “سد النهضة” لتزيد من تأزيم العلاقة، كذلك الحال مع مصر، تواجه الحكومة الإثيوبية تحديات داخلية بسبب الخلاف مع جبهة تحرير شعب تيغراي هذا الصراع العسكري الذي كان قد إنعدلت للمرة الأولى في نوفمبر/ تشرين الثاني عام 2020، وتوقف بهدنة في مارس/ آذار الماضي.
ويشكل “التيغراي” أحد الأقاليم العشرة والذي يمثل سكانه حوالي 6% من سكان البلاد، حيث عارضت جبهة تحرير شعب التيغراي إيقاف الإنتخابات التي أقرها البرلمان مما زاد الخلاف بين آبي أحمد وإقليم تيغراي عندما أقر البرلمان بطلب من آبي أحمد تأجيل الانتخابات العامة التي كانت مقررة في يونيو/حزيران 2020، وتمديد ولاية رئيس الوزراء التي انتهت في مايو/أيار 2020.
مما عمق الخلاف قيام الاقليم بتنظيم الانتخابات بمشاركة 7.2 مليون ناخب والتي رفضتها السلطة المركزية.
وقد أعقب ذلك إجراءات عقابية، حملة إقصاء من الوزرات والمناصب العسكرية، وحصر وتصعيد سياسية مهد لاندلاع القتال بين الجانبين، في الثاني من نوفمبر 2020، وقد إستمر النزاع نحو 17 شهرا ، مسببا في أزمة إنسانية ونزوح وخسائر بشرية في الأرواح والممتلكات في دولة تعاني ازمة غذاء.
عودة الصراع بعد الهدنة
بعد أن أعلنت الحكومة الاثيوبية هدنة انسانية، وتعهدت جبهة تحرير التيغراي الالتزام بها، ولكن المعطيات على الأرض و تمسك كل طرف بمطالبه وضعف الوساطة الإفريقية، بل وغياب آفاق لحل جذري للصراع، كان العامل المؤثر على هشاشة الأوضاع، وأخيرا عادت الاشتباكات في الطرفين في 24 اغسطس، بدل الجلوس على طاولة المفاوضات، مما يثير المخاوف بتوسع دائرة الصراع في ظل المتغييرات التي تدور في العالم، وخلافتها مع السودان ومصر حول قضية سد النهضة، وغياب دور الوساطة الإفريقية والدولية.