أفريقياالشأن الإسبانيدوليسياسة

حوار مع “محمد الشريف” العضو السابق بجبهة البوليساريو

حوار حصري على أنباء إكسبريس
محمد شريف العروسي أحمد سالم، عضو سابق بجبهة البوليساريو إنشق من صفوف الحركة، بعدما إكتشف حقيقة البوليساريو ووجهها القبيح الذي لايمت بصلة لحركات التحرر.
إلتحق شريف بالجبهة عام 1977، بعد المسيرة الخضراء، وعندما إلتحق بالحركة لم يرى شريف ماكانت نفسه تصبو إليه لخدمة المجتمع الصحراوي، فكانت القبلية متجذرة في نظام البوليساريو كما حدثنا في هذا الحوار، ومع الوقت تيقن أن كل هذه الشعارات التي كانت البوليساريو تروج لها لا أساس لها من الصحة.
لقي محمد شريف تكوينا عسكريا ضمن مايسمى بالجيش” الصحراوي “، وتم إرساله إلى ليبيا ومضى فيها 3 سنوات من عام 1979 إلى عام 1981، بعد ذلك بدأت مسيرته السياسية مع عدد من أعضاء البوليساريو الرافضين لمنهجها في تعاطيها مع الشأن الصحراوي، فمر محمد الشريف بلحظات من المعاناة الشديدة في سجن الرشيد الرهيب بتندوف وسجن لمدة 5 سنوات (1981- 1986) بتهمة إنتمائه لتيار مضاد داخل للبوليساريو وأنه تيار ضد مبادئ الثورة.
إعتقل شريف في ظروف غير إنسانية، وفي قفص لايتجاوز متر ونصف المتر، وتعرض للتعذيب الشديد الذي لايتصوره عقل بشري سواءا جسدي أو نفسي، كما شهد موت العديد من أصدقائه المعتقلين، ك عبد العزيز ولد هيدالة ومحمد موسى(…)، عند خروجه من المعتقل وبضغط عائلي، لم يتغير رأي شريف حول البوليساريو والذي يراها منظمة إرهابية ومسؤولة عن كل مآسي الصحراويين.
محمد الشريف هو مؤسس أول جمعية حقوقية صحراوية للدفاع عن حقوق الإنسان، في أوروبا عام 1991، بأمستردام، وكشفت عن إنتهاكات حقوق الإنسان التي إرتكبتها البوليساريو.
هو عضو مؤسس للحركة الصحراوية من أجل السلام (MSP) ، وهو اتجاه سياسي جديد في الصحراء يعكس الانزعاج العميق لآلاف الصحراويين.
وتجمع هذه الحركة العديد من كوادر البوليساريو السابقة في الجيش والعلاقات الدولية ووزراء سابقين وضباط سابقين في جيش البوليساريو وتعيد تجميع الصحراويين من المنطقة بأكملها ومن المخيمات.
وهو الآن عضو في مفوضية حقوق الإنسان بالداخلة.
في هذا الحوار سيتحدث لنا الضيف عن أبرز لمحات حياته والظروف التي أدت به إلى ترك البوليساريو، كما سيكشف لنا عن بعض إنتهاكات وجرائم البوليساريو في مخيمات المحتجزين بتندوف، ورأيه في الموقف الإسباني الرسمي الأخير حول الصحراء المغربية وغيرها من المحاور.

عندما أطلق سراح من المعتقل كيف خرجت من تندوف؟

عندما خرجت من المعتقل لم يدمجوني في الجيش، لأني  أعتبر حامل للسلاح، وكان عندهم تخوف أن أهرب إلى المغرب، فوضعوني في ولاية العيون بالمخيمات بتندوف كمدير جهوي للثقافة والرياضة، ومن بعد أرسلوني إلى الجزائر العاصمة، من أجل العمل في السفارة كمسؤول للعلاقات الخارجية للمنظمة الهلال الأحمر الصحراوي، وعندما كنت في هذا العمل كتبت تقريرا حول تهريب المساعدات الغذائية المقدمة من طرف الدول المانحة التابعة للمنتظم الدولي إلى جهات أخرى خارج المخيم، إلا أن المسؤولين بالجبهة، لم يهتموا وهذا طبيعي لأنهم متورطين في بيع هذه المساعدات، من بعد ذهبت إلى هولندا وأصبحت مقيم فيها حتى عام 2006، وبدأت أشتغل في ميدان البيئة ومواضيع الشأن الشبابي كما أني عضو في المجلس الجهوي للسياحة بالداخلة وعضو اللجنة الجهوية لحقوق الإنسان.

وكنت دائما أدعوا الله أن يخرجني من هذه المحنة سالما في عقلي معافا في بدني وأن يعطيني القدرة على فضح هؤلاء المجرمون.

ولكن ماذا عن طريقة هروبك ؟

أرسلوني في وفد رسمي إلى إسبانيا وبجواز سفر دبلوماسي، وهناك قررت عدم الرجوع وعندي مشروع فيلم وكتاب حول هذا الموضوع أتمنى ان يرى النور قريبا.

كيف أثرت عليك تجربة الاعتقال ؟

تجربة الاعتقال بالنسبة لي كانت تجربة أليمة، لكني إستفدت منها الكثير من الدروس، وتعاشيت معها، وبعد هذه التجربة إستقرت في هولندا، وأسست أنا وصديقي سيدي أحمد العروسي جمعية حقوقية، بإسم نور وعدالة، وكشفنا من خلال هذه الجمعية الانتهاكات الجسيمة والصارخة للبوليساريو في تعذيب المعتقلين وكانت أول جمعية حقوقية صحراوية في أوروبا والعالم.

وكنت ذهبت إلى لندن وقدمت لوائح إلى أمنستي ناشيونال، عن المعتقلين والمفقودين والكشف لهم عن ظروف إحتجازهم وتصفية بعضهم من قبل البوليساريو، وكانت أمنستي راسلت البوليساريو بناءا على اللوائح التي قدمتها لهم، إلا أن البوليساريو كذبوا على المنظمة حول مصير هؤلاء ،وقالوا لهم أنهم ماتوا بالحرب، كما قمت بزيارات متعددة إلى مجلس حقوق الإنسان بجنيف لطرح هذا الملف عليهم.

وتجربة السجن أعطت لي مهمة على عاتقي، وهي أمانة بالنسبة لي وهو الكشف كذلك عن مصير أصدقائي الذين قضوا نحبهم في السجن، وأنا لن أنساهم أبدا وإلى حد الساعة أواصل الكشف عن هذه التجاوزات الخطيرة التي تدرج في خانة الجرائم ضد الإنسانية.

كما إكتشفت أيضا أن البوليساريو وعلى طريقة العصابات والمافيات، سرقت المساعدات الغذائية المقدمة من طرف المنتظم الدولي، ونحن كنا أول من أشار وكشف عن هذا الموضوع.

فعند زيارتي لموريتانيا، رأيت كيفية تسويق هذه المساعدات الدولية المجانية الموجهة إلى المحتجزين بمخيميات تندوف، وعدم إستفادتهم لهذه المساعدات والتي تباع في أسواق موريتانيا والجزائر ودول الساحل كذلك .

وكنت أعددت تقريرا مفصلا وملفا متكاملا حول هذه القضية، ورفعتها إلى المجموعة الأوروبية في بروكسل وإلى منظمة أوكسفام، ومنظمة كاريتاس، كما إتصلنا بالمنظمات المانحة لهذه المساعدات وطلبنا منهم بضرورة إنشاء آلية جديدة لضمان وصول هذه المساعدات إلى المحتجزين بتندوف، لأن قيادات البوليساريو تبيع هذه المواد إلى الدول المجاورة للجزائر، حيث أن تندوف لاتتوفر على أدنى متطلبات العيش الكريم.

ماهي المحددات الفكرية التي إنطلقت منها في بناء تصورك حول البوليساريو كمنظمة إرهابية وليست كمنظمة تحرر كما تسوقها الجزائر ؟

أرى أن نظام البوليساريو نظام شمولي وهو حالة شاذة، ويمكن مقارنته بنظام كوريا الشمالية، أنا دائما أقول أن الدولة الجزائرية هي المسؤول الأول والأخير عن كل هذه الجرائم والانتهاكات التي وقعت على أرض الجزائر. فالجزائر موقعة لكل الاتفاقيات الخاصة بحقوق الإنسان ومناهضة التعذيب، وهي عضو رسمي في المجلس الدولي لحقوق الإنسان.

فالدولة الجزائرية مساهمة في هذه القضية، لأن الناس التي ماتت وعذبت في المعتقل على أيدي البوليساريو، جرت على أرض جزائرية، وبالتالي فإنها تتحمل المسؤولية القانونية الكاملة، عن هذه التجاوزات التي وقعت على أرضها .

وأنا تعهدت لأصدقائي الذين ماتوا بالسجن، بأن أكون صوتهم لكي لاتضيع مظلوميتهم، ولازلت سائرا على هذا النهج حتى أحقق لهم العدالة.

اليوم أصبح هنالك مسار ثاني للبوليساريو، فقد هرب أكثر من 16 ألف شخص منهم، والذي بقي بالمخيمات سوى أناس قليلو الحيلة، ضعفاء ومساكين، والبوليساريو تعيش أزمة حقيقة على مستوى قياداتها، فأغلبهم وأن لم نقول جلهم بارونات للمخدرات، وأمراء للحرب والسلاح، وثبت تورطهم في ليبيا ودول الساحل من خلال أنشطتهم المشبوهة، وبالتالي فإن البوليساريو باتت تشكل نقطة سوداء للجزائر، باعتبارها الراعي الرسمي لهذه المنظمة الإرهابية، وأغلب قيادات الجبهة يهدفون نحو أهداف شخصية ضقية، فالصحراء لاتهمهم في شيء فهي فقط بالنسبة لهم وقود للبروباغندا التحررية من أجل الاستمرارية في هذه المسرحية المبتذلة.

كيف ترى الموقف الإسباني الرسمي الأخير من نزاع الصحراء المفتعل؟

نحن أيدنا الموقف الإسباني في حركة السلام من أجل الصحراويين، وأنا عضو مؤسس في هذه الحركة، وأول بيان أخرجناه حول الموقف الإسباني شكرنا فيه موقفها الإيجابي، والتي أخرجت إسبانيا من دائرة عدم الانحياز، وأدركت مدريد أن خطة الحكم الذاتي المغربي هو الحل الواقعي والوحيد والبرغماتي القابل للتطبيق بالصحراء، فالحكم الذاتي هو أسلوب واقعي، طبق في العديد من الدول، والدول الكبرى كالولايات المتحدة وألمانيا دعمت المغرب في مشروعه بالصحراء.

ولاننسى كذلك المصالح الإسبانية التي ترتبط بالمغرب إرتباطا وثيقا، فهناك آلاف الشركات الإسبانية التي تستثمر بالمغرب ،كما أن المغرب يعتبر مفتاح إسبانيا وأوروبا نحو إفريقيا.

نعرف جميعا أن دول أمريكا الجنوبية هي الحاضن الرسمي لإديولوجية البوليساريو، ماهو تقييمكم لتواجد الجبهة في هذه المنطقة؟

هناك دول في أمريكا اللاتينية ككوبا والمكسيك مثلا بدأوا يتراجعون عن موقفهم التقليدي ،لذلك لابد من حملة توعية للتعريف بهذه القضية، والمغرب كان غائبا عن هذه المنطقة، فهي قضية شرح فقط، وهذا ماأدركه مؤخرا بعد الاختراقات الدبلوماسية المهمة التي أحدثها المغرب في أمريكا اللاتينية.

لكن أرى أن الحركات اليسارية بهذه الدول لازالت تدعم البوليساريو ؟

نعم لكن تأثير هذا الدعم بدأ يخفت تدريجيا، فنحن كحركة الصحراويين من أجل السلام، هي حركة ديمقراطية وهو نمط للديمقراطية عند الصحراويين، وهي حركة لها صدى دولي وراسلنا جميع الدول بما فيها الجزائر كذلك.

كلمة أخيرة

نتمنى لهذه الخلافات المزيفة أن تندثر ويعرف الصحراويين الحقيقة حول الوجه القبيح للبوليساريو، و نتمنى كذلك جمع الشمل لأهلنا والمشاركة في عجلة التنمية في وطن واحد وأمة واحدة.

https://anbaaexpress.ma/8b8o4

عبد الحي كريط

باحث وكاتب مغربي، مهتم بالشأن الإسباني، مدير نشر أنباء إكسبريس

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى