تعتمد السياسة اليابانية على الدبلوماسية السلمية والحيادية في تعاملها، وعلى إحترام سيادة الدول الأخرى والتعاون لتحقيق مصالحها.
في هذا السياق دشنت في عام 1993 بمايعرف بمؤتمر طوكيو الدولي للتنمية في إفريقيا ( تيكاد )، والذي أصبح ينعقد بشكل دوري كل ثلاث سنوات منذ عام 2016 لمناقشة العلاقات الثنائية، بمشاركة رؤساء الدول الأفريقية والأمم المتحدة، والبنك الدولي، وعدد من المنظمات والمؤسسات.
ويعتبر هذا اللقاء من أهم اللقاءات الدولية في مجال التعاون التنموي بإعتبار اليابان أحد دول مجموعة السبع التي تمثل إقتصادات قوية وكبرى في العالم وأحد أهم الأنظمة الديمقراطيةاليبرالية.
اليابان تسعي لمزيد من التواجد وبقوة في القارة السمراء في إطار التنافس الدولي الأمريكي والصيني الروسي والفرنسي العريق، ومن المعلوم بأن اليابان ركزت في سياساتها في السابق على القارة الآسيوية بحكم مجالها الحيوي.
ونظرا للأهمية الجيوستراتيجية للقارة الإفريقية بوجه عام، إلا أن القرن الإفريقي يحظى باهتمام القوى الدولية والاقليمية، وتعد ﻣﻨﻄﻘﺔ اﻟﻘﺮن الأﻓﺮﻳﻘﻲ وإﻫﺘﻤﺎم اﻟﻜﺜﻴﺮ ﻣﻦ اﻟﻘﻮى الإقليمية واﻟﺪوﻟﻴﺔ بسبب أﻫﻤﻴﺔ موقعها الإستراتيجي حيث تمثل منطقة للتجارة الدولية والتي تشرف على البحر الأحمر وباب المندب، وهي مهمة لليابان في إطار التنافس مع الصين، وإمتدادها بالمحيط الهادي الذي يشكل ممر لتجارة اليابان مع الشرق الأوسط وأوروبا وشرق افريقيا.
العلاقات التونسية اليابانية
ترتبط تونس واليابان بعلاقات منذ مايقارب 60 عاما، مما يؤكد الشراكة والتعاون في مجالات عدة إقتصادية وتقنية ومالية وتمويل العديد من المشاريع والتي بلغت 41 مشروعا إقتصاديا في عام 1997، وتعد اليابان ثالث بلد يستثمر في تونس بعد إيطاليا وفرنسا ب 5.7 مليار دينار .
وقد تطورات العلاقات بين البلدين في السنوات الأخيرة وإن تأثرت بسبب الأزمات التي شهدتها تونس في الأعوام الماضية اضافة إلى جائحة كورونا.
ويشكل إنعقاد هذا المؤتمر “تيكاد 8” في تونس وهو الثاني في إفريقيا بعد إنعقاد النسخة السابعة 2016 في كينيا، أهمية كبيرة لتونس التي تسعى لايجاد حلول إقتصادية ناجعة لتجاوز سنوات من الركود والازمات وأهمها السياسية وبعد إجراءات 25 جويلية وإجراء الاستفتاء على الدستور، وهي فرصة لتونس من خلال مستوى وحجم التمثيل، لإعادة ثقة المستثمرين وفتح آفاق جديدة في الإقتصاد التونسي وقدرته على النهوض ..
وتأمل تونس بأن تلعب دورا مهما في شمال إفريقيا ..
وقد صرحت رئيسة الحكومة التونسية “نجلاء بوذن” بأن هذا المؤتمر سوف يؤسس لمحطة جديدة لشراكة جديدة بين إفريقيا واليابان وإهتمام بقضايا التنمية المستدامة الشاملة، والحد من الفوارق الإقتصادية، إلى جانب بناء مجتمعات مستقرة، ومساعدة إفريقيا في تحقيق التنمية المستدامة 2030 ودعم الإتحاد الإفريقي، والأهداف المستقبلية لعام 2063، بما يعود بالاستقرار لدول القارة.
وقال وزير الخارجية التونسي “عثمان الجرندي”: إن هذا المؤتمر يتضمن عقد قمة على مستوى رؤساء الدول والحكومات وممثلي المؤسسات الدولية والتي تصل إلى حوالي الخمسين، كما يتضمن البرنامج ندوة إقتصادية تجمع ما يقارب 300 مؤسسة يابانية وإفريقية وتونسية، إلى جانب تنظيم 10 أنشطة ( مؤتمرات وورشات)
في المجالات الإقتصادية والعلمية.
وفي ذات الصدد إعتبر الوزير، أن نجاح هذا الموعد، من شأنه أن يساهم في إعلاء صورة تونس، رغم الظروف الصعبة التي تمر بها، لاستقبال الوفود الإفريقية وممثلي المنظمات الدولية إلى جانب نساء ورجال الأعمال.
وتبقي التحديات التي تواجه العالم من صراعات دولية وأهمها الأزمة الأوكرانية، وعدم الاستقرار في دول القارة الإفريقية، ولعل تونس ليست إستثناءا في ظل الملفات العالقة داخليا، في إنتظار المزيد من الإصلاحات السياسية والاقتصادية.
وكذلك الوضع في ليبيا ومايشكله من مخاطر في شمال إفريقيا وجنوب الصحراء، أيضا مسألة الانقلابات التي تحدث في الدول الإفريقية والصعوبات التي تواجه الإتحاد الإفريقي.. والتنافس الأمريكي الصيني الروسي داخل القارة، وموضوع الإرهاب في جنوب الصحراء.
إضافة إلى التوترات التي يشهدها القرن الإفريقي داخل إثيوبيا وخلافاتها وأزمة المياه مع جارتها السودان ومصر حول تقاسم حصة المياه.
كل ذلك سوف يضعه الجانبان واليابان بصفة خاصة في إطار دبلوماستها الهادئة ونظرتها لهذه الاشكاليات والأزمات.