متابعة
يحتفل المغاربة يوم 21 غشت من كل سنة بذكرى عيد الشباب، ويتزامن هذا اليوم، مع تاريخ ميلاد جلالة الملك محمد السادس، المزداد سنة 1963، وتشكل هذه السنة الذكرى 59 لميلاد جلالته، وكان إلتزام الملك محمد السادس تجاه الشباب نابع من قناعة ملكية عميقة، بأهمية جعل الشباب في قلب المسار التنموي للمملكة، في إطار رؤية واقعية وطموحة، تجعل من الأجيال الصاعدة، قاطرة للتنمية وحاملة لمشعل مغرب حديث ومتطور.
ويعود أول احتفال بعيد الشباب في المملكة إلى شهر يوليوز من عام 1956، حينها كانت البلاد حديثة العهد بالاستقلال، حيث قرر جلالة المغفور له محمد الخامس، الاحتفال بعيد ميلاد ولي العهد آنذاك مولاي الحسن.
هكذا تم الاحتفال بأول عيد للشباب بالمغرب
إحتفل المغاربة لأول مرة بعيد الشباب سنة 1956، وهي السنة التي احتفلت فيها المملكة لأول مرة بعيد ميلاد جلالة الملك الراحل الحسن الثاني، وهو آنذاك ولي للعهد.
روى الراحل أحمد بن سودة، الذي شغل قيد حياته منصب مديرا للديوان الملكي، وكان مستشارا لجلالة المغفور له الحسن الثاني، أنه في شهر يوليو 1956 كانت أربعة أشهر فقط، قد مضت على نهاية الحجر والحماية، وإعداد وثيقة الاستقلال، وكان المغرب يعيش أيام الفرحة العارمة للنصر الذي حققته ثورة الملك والشعب،
وذكر بنسودة في مقال، نشر في مجلة “اليوم السابع” الفلسطينية، ونشر بعدها بمجلة “دعوة الحق” الصادرة عن وزارة الأوقاف والشؤون الإسلامية، أن جلالة المغفور له محمد الخامس قرر أن يكون الاحتفال بعيد ميلاد ولي عهده تحت شعار “عيد الشباب”؛ وهو شعار يؤكد عمق تلك العاطفة الأبوية التي يكنها المغفور له محمد الخامس لشباب وطنه، فهو طيب الله ثراه، أراد أن يجعل من هذه المناسبة عيدا لكل الشباب، يشاركون ولي عهده ذكرى ميلاده، ويشاركهم فرحتهم، ويلتقون به ويلتقي بهم على صعيد المحبة المتبادلة، والإرادة المشتركة، والتصميم على خوض معارك الجهاد الأكبر صفا واحدا وقلبا واحدا.
وأضاف بنسودة الذي كان حينها يشغل منصب كاتب للدولة للشبيبة والرياضة، أنه وتنفيذا للإرادة الملكية السامية، تم توجيه نداء إلى جميع شباب المغرب ذكورا وإناثا، بجميع هيئاته ومنظماته الثقافية والكشفية والرياضية والفنية تزف إليهم ذكرى “عيد الشباب”، عيد ميلاد صاحب السمو الملكي ولي العهد الأمير مولاي الحسن، وتهيب بهم أن ينظموا أنفسهم، ويقترحوا برامج احتفالاتهم.
وخلال هذه الفترة، أبرز بنسودة، أن كتابة الدولة في الشبيبة والرياضة تحولت إلى معسكر قيادة وتجمع لإعداد حفلات عيد الشباب، وتهيئ كل الوسائل المادية والمعنوية لوفودهم التي ستشارك في الاحتفال الكبير الذي سيقام بهذه المناسبة.
وروى بنسودة عن هذا اليوم معتبرا أن “عيد الشباب سنة 1956 أول مسيرة شبابية كبرى في عهد الاستقلال”.
وعن تفاصيل هذا اليوم قال بنسودة: “كان ذلك في ملعب سباق الخيل بالرباط حيث احتشدت الجماهير المتدفقة، وانتظمت أفواج المنظمات الشبابية بأزياء مختلفة تنتظر لحظة انطلاق الاستعراض أمام ولي العهد، كان عدد الشباب والشابات 2500، أما عدد من أتى لمشاهدة الاستعراض فكان يفوق ذلك بكثير”.
وأضاف بنسودة أن “سمو ولي العهد المحتفى به ارتقى المنصة، وارتفع العلم المغربي خفاقا في السماء، وارتجل سموه خطابا فاض فيه قلب الابن حبا وإجلالا لوالده وراعيه وراعي شباب الأمة، وفاض فيه قلب مولاي الحسن المقاوم المناضل، وقلب الشاب المتدفق حماسة وإيمانا، وقلب الجندي الذي عهد إليه القائد بمهمة رئاسة أركان الجيش”.
واستعرض ولي العهد أفواج الشباب في جو من الحماسة والهتافات والزغاريد التي حولت ملعب سباق الخيل بالرباط إلى عرس من أعراس الشعب المغربي الزاهية.
وكان “عيد الشباب”، في تلك السنة الأولى من عهد الاستقلال، وفق المتحدث ذاته، تعبيرا حيا عظيما عن الإرادة والإصرار، حيث كان إعلانا عن التحدي الذي رفعه المغرب في وجه الاستعمار، وهو التحدي الذي رفعته وترفعه أجيال الشباب منذ تلك السنة إلى الآن أمام كل الصعوبات، معلنة أنها ستبقى وفية للعهد.
تعليق واحد