أربع مليارات دولار قيمة تزويد إيطاليا بالغاز الجزائري الإثنين الفارط، تحولت إلى مأساة سياسية في روما، إذ فور عودة رئيس الوزراء الايطالي ماريو دراغي من رحلته الجزائر والإمضاء على عدد من الإتفاقيات في إطار ما تسميه حكومة تبون بقانون الإستثمار الجديد، حتى قدم رئيس الوزراء اليوم إستقالته للرئيس سيرجيو ماتاريلا، وسيبقى في منصبه لتصريف الأعمال، بعد إنهيار حكومة الوحدة الوطنية الإيطالية التي كان يرأسها.
ورأى البعض في هذه الإستقالة التي جاءت كنتيجة لسحب ثلاثة أحزاب مشاركة في الحكومة الثقة عن ماريو دراغي، كعلامة نحس لكل من أمضى على إتفاق مع تبون.
فقد تزامن الإتفاق مع نشوب حرائق في أوروبا ووصل لهيبها للمغرب وكان على وشك أن يصل إلى الجزائر، واليوم اشتعلت حرائق سياسية في روما توجت بإستقالة الحكومة والذهاب قريبا إلى حل البرلمان.
ويرى بعض المحللين، بأن النظام الجزائري يحاول أن يتخطى الحدود التي رسمتها له فرنسا، فجاء هذا الزلزال السياسي كرسالة تؤكد بأن الجزائر لن تستطيع الخروج من بيت الطاعة الفرنسي، وبأن الجزائر أضعف من أن تهدد فرنسا وتلعب بورقة الغاز داخل الإتحاد الأوروبي.
فرنسا حليف لإيطاليا، والغاز وديعة فرنسية في الجزائر، وهذا في نظر البعض يؤكد على غباء الإدارة الجزائرية وفشلها الديبلوماسي.
دولة لا تملك سوى الغاز، وتحتاج الى أوروبا في كل شيء، لا يمكنها أن تبتز عضوا من أعضاء الإتحاد الأوروبي، ولذلك تراجعت الجزائر مرغمة لتصدير الغاز لإسبانيا، بعد تهديد لم يتجاوز بضعة شهور.
وأصيب تبون بصدمة بعد سماع خبر إستقالة رئيس الوزراء الإيطالي قبل أن تبرد إتفاقية الغاز الجزائري-الايطالي، وهو الإتفاق الذي صنعت منه الدعاية الجزائرية إنتصارات أسطورية واعتبرته صفقة القرن.
بهذا، ستعيد باريس حكام الجزائر لبيت الطاعة الفرنسي، بالغاز الجزائري الذي اكتشفته فرنسا، وكان جزء من إتفاقية الإستقلال أن يورد لها بسعر منخفض، لا يمكن أن يصبح ورقة، وحتى شرط عدم توريد إسبانيا للغاز الجزائري للمغرب، لم يعد ساريا، لأن الغاز سيصل إلى المغرب.
يتضح من كل هذا بأن الجزائر لم تفرض شرطا على أي دولة يصلها الغاز الجزائري مثل إسبانيا بعدم توريد الغاز لإسرائيل، ولكنها ركزت على المغرب، لأنها تعتبره عدوا إستراتيجيا.
وصدق تبون حين قال للمبعوث الأمريكي بأن الجزائر ليس عندها مشكلة مع إسرائيل ولا مع أمريكا، ولكن عندها مشكل مع المغرب فقط.
صور من زيارة رئيس الوزراء الإيطالي ماريو دراغي، إلى الجزائر