يجد الاتحاد الروسي نفسه إزاء ثلاث اتحادات: الاتحاد الأوروبي (UE)، الاتحاد الأمريكي (USA) والمملكة المتحدة (UK)، فضلا عن منظمة الأمم المتحدة (UN). وبالموازاة، تضع بريطانيا نفسها في جبهة مزدوجة إزاء روسيا وأوروبا، ترتب عن ذلك استقالة حكومة جونسون.
وتحت عنوان (بريطانيا وضعت نفسها في مواجهة أوروبا كلها)، كتب غيفورغ ميرزايان (gevorg mirzayan)، في “فزغلياد”، حول لعبة بريطانية ضد الاتحاد الأوروبي وروسيا في الوقت نفسه. وجاء في المقال: رسميا، العدو الأكبر لبريطانيا اليوم هو روسيا، على الأقل من وجهة نظر بريطانيا. وتكاد تكون لندن المصدر الرئيس للخطاب المعادي لروسيا ومقترحات العقوبات.
ويرى غيفورغ أنه على الرغم من كل عداء إنكلترا لروسيا، فقد تبين أن أوروبا هي خصمها الأول. شنت لندن ما لا يقل عن ثلاث هجمات على الاتحاد الأوروبي:
أولاً، أطلقت إلغاء ما يسمى ببروتوكول أيرلندا الشمالية – أي الاتفاقية التي تتبع بموجبها أيرلندا، بعد خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي، المجال الاقتصادي والجمركي الأوروبي وليس البريطاني. ببساطة، تعمل لندن من جانب واحد على تمزيق صفقة بريكسيت من الاتحاد الأوروبي؛
وثانيا، تحبط إنكلترا محاولات الاتحاد الأوروبي إيجاد حل وسط مع موسكو؛
وثالثا، تحاول إنكلترا انتزاع أوروبا الشرقية من سيطرة بروكسل. فرئيس الوزراء البريطاني يريد إنشاء كتلة في المنطقة، معادية رسميا لروسيا، وهي في الواقع مناهضة للاتحاد الأوروبي.
ووفق غيفورغ، يبدو أن الاتحاد الأوروبي أقوى بكثير من لندن ويمكنه الرد بقسوة شديدة، فلا استجابات فعلية حتى الآن. ولا يعود ذلك فقط إلى غياب الوحدة في الاتحاد الأوروبي، ولا إلى كون الأمريكيين لا يريدون السماح بنزاع عام في صفوف الغرب الجماعي.
ويرى أن روسيا أنقذت المملكة المتحدة من العزلة التامة، حيث كلما وصلت العلاقات بين بريطانيا والاتحاد الأوروبي إلى ذروة الأزمة، تكبس لندن زر “يجب أن نكون جميعا في خندق واحد ضد روسيا”.
ويرى أن أمريكا وحدها القادرة على تدمير هذا المخطط، إذا أدركت واشنطن ضرورة إيجاد لغة مشتركة مع موسكو، وقد توقع صاحب المقال، أنه من المستبعد أن يتمكن بوريس جونسون وسياساته من التكيف مع هذا الخط. وبالتالي سيفقد الدرع الأمريكية. عندها، وعندها فقط، سيدرك عواقب أن الجميع يكرهونه. وفعلا، وجد جونسون نفسه مدعوا إلى الاستقالة بعد أن أصبح رحيله مطلبا ملحا لدى البريطانيين، لكن هل ستغير بريطانيا من غاياتاها أم من سياستها فقط؟
هل تقرع بريطانيا طبول حرب عالمية؟
لم يفوت قائد الجيش البريطاني (القائد الإستراتيجي للقيادة) الجنرال باتريك ساندرز فرصة ظهوره الأول، الأربعاء (22 يونيو)، أمام جنوده ليدق ناقوس الخطر بشأن إمكانية مواجهة روسيا بمشاركة الحلفاء الأوروبيين. وأثار القائد العسكري البريطاني الذي استلم منصبه حديثا الكثير من الجدل عندما دعا كل قوات بلاده إلى أن تكون على أهبة الاستعداد للفوز بأي معركة قد تخوضها على الأرض.
وزاد من حرارة حديث القائد العسكري البريطاني إشارته إلى أن أي مواجهة مباشرة مع روسيا ستعني اندلاع الحرب العالمية الثالثة.
وحسب شبكة بي بي سي (BBC) البريطانية نقلا عن مسؤولين في وزارة الدفاع البريطانية فإن هذا الخطاب لم يكن مفاجئا لبقية المسؤولين العسكريين الذين يتابعون تطورات المعركة في أوكراينا ويعرفون أن الأمور تسير في اتجاه مقلق.
ومنذ عام ونصف، وقبل الاجتياح الروسي لأوكراينا بأكثر من عام، قال رئيس أركان الجيش البريطاني (رئيس أركان الدفاع) نيك كارتر إن الأزمة الاقتصادية الناجمة عن جائحة كورونا تهدد بإشعال فتيل حرب عالمية جديدة: “الحكام السلطويون مستعدون لاستخدام أي وسيلة لديهم، مثل المهاجرين أو زيادة أسعار الغاز أو القوى التي تعمل بالوكالة أو عمليات التسلل الإلكتروني لتحقيق أغراضهم“.
وأضاف أن “طبيعة الحرب تغيرت“. وتابع أنه “في أعقاب العالم ثنائي القطب في حقبة الحرب الباردة وعالم الهيمنة الأمريكية أحادي القطب، يواجه الدبلوماسيون الآن عالما متعدد الأقطاب وأكثر تعقيدا، مضيفا أن “الأدوات والآليات الدبلوماسية التقليدية” خلال حقبة الحرب الباردة لم تعد متاحة.
واستكمل الجنرال نيكولاس كارتر، حديثه قائلا، إنه:” بدون هذه الأدوات والآليات، ثمة خطر أكبر بأن يؤدي هذا التصعيد أو ذاك إلى حسابات خاطئة“.
وتحدث عن حالة الغموض والقلق السائدة في العالم على خلفية الأزمة الاقتصادية الناجمة عن جائحة كورونا التي تهدد بإشعال فتيل حرب عالمية جديدة.
وشدد كارتر الذي يتولى منصبه منذ عام 2018، في مقابلة أجرتها معه شبكة “سكاي نيوز” بمناسبة إحياء ذكرى ضحايا الصراعات المسلحة، على أن أي تصاعد للتوترات الإقليمية أو أخطاء في تقدير الأمور قد تؤدي في نهاية المطاف إلى نشوب صراع واسع النطاق.
وقال قائد أركان الجيش البريطاني، إن العالم أصبح في الوقت الحالي مكانا يسوده الغموض والقلق الشديدان، مشيرا إلى أن تصعيد التنافس في العالم أصبح سمة من سمات زمننا.
وتابع :”أعتقد أن الخطر الحقيقي الذي نواجهه هو أن نشهد تصعيدا يؤدي إلى سوء تقدير في ضوء وجود الكثير من الصراعات الإقليمية في الوقت الحالي“.
وأضاف كارتر، ردا على سؤال عما إذا كان هناك خطر حقيقي لنشوب حرب عالمية ثانية: “أقول إنها من المخاطر وعلينا أن نكون واعين لهذه التهديدات“.
وبعد أن مرت ثلاثة أشهر على الاجتياح الروسي لأوكراينا، يأتي القائد الإستراتيجي للقيادة الجنرال باتريك ساندرز ليستنفر كل قوات بلاده من أجل الدخول في مرحلة التحضير لأي معركة وشيكة. ويتماشى هذا الخطاب مع الإستراتيجيا التي وضعتها الحكومة البريطانية لرفع الإنفاق العسكري بحوالي 3 مليارات جنيه إسترليني في كل عام.
ويحمل القائد الجديد للجيش البريطاني والذي سبق له أن خدم في أفغانستان والعراق همّ إعادة تكوين الجيش البريطاني خصوصا بعد الخروج من الاتحاد الأوروبي والتراجع في عديد الجيش الذي يبلغ نحو 72 ألف جندي وهو أضعف رقم منذ عقود طويلة.
وطالب القائد الجديد للجيش البريطاني الجنرال باتريك ساندرز، كل جنوده بالاستعداد لمحاربة روسيا في حرب عالمية ثالثة محتملة، بحسب ما نقلت صحيفة “ذا صن” البريطانية. وتعهّد “ساندرز” بتشكيل جيش يمكنه هزيمة روسيا في المعركة.
وشدد على أنه سيسرع في خططه؛ لتحديث الجيش، ونشره في الخارج على نطاق واسع للاستجابة بسرعة أكبر للأزمات، ولدعم دول حلف شمال الأطلسي “الناتو” وحرمان روسيا من فرصة احتلال مزيد من الدول.
الموقفان البريطاني والأمريكي متناغمان، حيث تذهب عدة أطروحات أن واشنطن ضالعة بشكل أو بآخر في هذه الحرب. وقد حدد الأستاذ جون ميرشايمر من جامعة شيكاغو، بدقة الأسباب الحقيقية للحرب في أوكراينا، واضعا اللوم على عاتق أمريكا وحلفائهامعتبرا “الصراع في أوكراينا كارثة هائلة ستجبرنا على البحث عن أسبابها. أولئك الذين يتصادقون مع المنطق والحقائق سيدركون أن اللوم في الكارثة يقع على عاتق الولايات المتحدة وحلفائها”. وصرح الفيلسوف الأمريكي البارز نعوم تشومسكي بأن أمريكا مصممة بشكل لا لبس فيه على إلحاق الضرر بروسيا.