مجتمع

إقليم طاطا و تحديات التنمية بالجنوب المغربي

طاطا..

هي منطقة تقع في الجنوب الشرقي للمغرب، عند حديثنا عن هاته الأرض الواقعة وسط سلسلة في جنوب الأطلس الصغير والمكونة من دوائر ثلاث: طاطا وتضم طاطا المدينة، تاﮔموت، وإسافن دائرة. دائرة أقا وتضم أقا، أيت وبلي وتمنارت. دائرة فم الزكيد وتضم فم الزكيد، ألوﮔوم وتسينت. وقد كان الفضل لأرض طاطا في نشأة دولتين من تاريخ المغرب وأقصد هنا المرابطين والسعديين، بالإضافة كونها آخر منطقة وصلها الاستعمار الفرنسي. كما أن طاطا كانت ولا تزال صورة لإنصهار إثننيات ثلاث من أمازيغ وعرب وأفارقة سود استوطنوا بالمنطقة ما يقارب 10 آلاف السنين كما تحكي الروايات. طاطا وتحديات التنمية: فمنذ إحداث الإقليم بتاريخ 18 يوليوز 1977 لا تزال عملية التنمية تدور بشكل لم يرقى لمستوى تطلعات ساكنة المنطقة في مجملها.

والأسباب متعددة نذكر منها على سبيل المثال لا الحصر:

-غياب رؤية استراتيجية لتحقيق أولى الأساسيات لضمان استقرار الإنسان الطاطاوي في مجاله الواحي الذي ازداد معظمنا في كنفه.

-الافتقار إلى البنيات التحتية الأساسية التي تقرب الخدمات الضرورية لساكنة طاطا على اختلاف فئاتها (أطفال، شباب، نساء، ذوي الاحتياجات الخاصة) كالملاعب الرياضية ودور الثقافة والفنون لصقل مواهب التلاميذ والشباب، بالإضافة إلى المراكز السوسيوثقافية والمسارح وإلى غيرها.

-العجز المستمر في إيجاد حلول للفوضى في تدبير الأراضي السلالية والنزاعات التي تعرفها المنطقة نظرا لعامل التوسع المستمر.

-قلة الدعم للفلاح البسيط وغياب تشجيع الأنشطة الفلاحية الأساسية بالإقليم (التمور، الحناء، الحوامض، الحبوب..) زد على ذلك الخطر الذي طالما حذرنا منه والمهدد لمستقبل المنطقة في إيجاد الماء الصالح للشرب وأقصد هنا زراعة البطيخ الأحمر”الدلاح”.

-استفحال ظاهرة الحرائق بالمجال الواحي خاصة في فصل الصيف وغياب تدبير معقلن لهذا المجال الحيوي كإحداث ممرات وسط الواحة مثلا والقيام بتنقية دورية للمساحات المستغلة مع إنشاء وحدات للوقاية المدنية بالجماعات الترابية التي تعرف تكرار هذه الحرائق .

-فقدان الهوية للمجال الواحي والاهتمام بالأرض بهدف العمران بدل الأرض الفلاحية.

-الهجرة بشتى أنواعها الجماعية والفردية، وهجرة الشباب بحثا عن لقمة العيش وإعالة الأسروإنقاذها من الفقر الذي طالما خيم على معظم مناطق طاطا.

-المنافسة غير الشريفة بين الفاعلين السياسيين والمدنيين وحتى الاقتصاديين في بعض الأحيان، مما يزيد تعميق جراح إقليم طاطا، ويعطل حركة التنمية المرغوبة وهذا إرث قديم ربما يصعب تجاوز تداعياته بشكل سلس.

بعض الحلول من أجل تحقيق التنمية:

في ظل حديثنا عن النموذج التنموي الجديد، وكمتتبعين للشأن المحلي وباحثين في مجال التنمية، من الواجب علينا التذكير ببعض المقترحات علها تكون دعامة أو لبنة لتشييد صرح التنمية بإقليمنا العزيز طاطا.

وسأقف هنا عند نقاط أساسية تدخل في خانة البحث عن حلول لمعيقات التنمية بالإقليم وتبقى دائما مقترحات تحتمل نسبة من الخطأ والصواب وهي كالآتي :

-إعطاء أولوية لتنمية الرأسمال البشري بالإقليم ككل (شباب، نساء،أطفال.والمنقطعين عن الدراسة …) عبر برامج تعليمية مستمرة وتقوية البنيات التحتية ذات الصلة بالتعليم والتربية والتكوين.

-الاستثمار الجيد للمؤهلات التي يتوفر عليها إقليم طاطا (طبيعية، بشرية، سياحية، تراثية وثقافية..) والبحث عن شراكات مع القطاع الخاص والنسيج الجمعوي دون استثناء الفاعلين الاقتصاديين السياسيين عبر المجالس المنتخبة على اختلافها، من أجل بلورة مشاريع صديقة للواحة ومدرة للدخل لعلها تفتح باب المقاولة الاجتماعية والاقتصاد التضامني بالإقليم وتشجع الساكنة على الاستقرار عوض الهجرة .

-تشجيع الصناعة السنيمائية وجميع السياحات الممكنة بالإقليم من قبيل (الإيكولوجية، الجبلية، سياحة الموروث الثقافي، السياحة التضامنية.. )مع الدعم المستمر للترويج وتسويق المنتجات المجالية الخاصة بالإقليم (الحناء، التمر، الحوامض..)

-تكثيف الجهود بين جميع المؤسسات داخل الإقليم وتجاوز الحسابات السياسوية الضيقة التي لا طائل منها سوى تعطيل مسلسل التنمية الذي طالما تنتظره ساكنة الإقليم.

-إحداث وحدات جامعية لتشجيع أبناء الإقليم على استكمال تعليمهم العالي في مختلف التخصصات والشعب مع تعميم المنح الدراسية .

-اعتماد المقاربة التشاركية في كل خطوة أو رؤية من شأنها أن تعود بالنفع للمنطقة خاصة فيما يتعلق بإحداث أو إنبات وحدات صناعية بالإقليم لإمتصاص البطالة التي تزداد في صفوف أبناء الإقليم سنة تلو أخرى .

خلاصة.. فبدون تضافر الجهود بين كل مكونات المجتمع الطاطاوي، يصعب أن يعبد طريق التنمية المرغوب فيه خاصة مع التطورات والتغييرات التي تعرفها المجتمعات البشرية بشكل عام.. وما ذكر فيما سبق ليس سوى جزء من نداء طاطا نأمل من خلاله أن يسمع صوتها ويصل عله يجد آذنا صاغية تستجيب لمتطلبات ساكنة الإقليم الذي يضم 20 جماعة ترابية مطلبها الأول: العدالة المجالية وتنمية العالم القروي في خضم الحديث عن مغرب الغد الذي يعقد آمله على النموذج التنموي الجديد.

 

https://anbaaexpress.ma/w8wm2

الحسين أولودي

إعلامي باحث في الجغرافيا السياسية.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى