مفاجأة من العيار الثقيل شهدها الشارع السياسي الفرنسي في الجولة الثانية من الانتخابات البرلمانية، والتي حظيت بمتابعة هامة من لدن مختلف وسائل الاعلام الفرنسية والدولية وكذلك العربية، باعتبارها أول إنتخابات تشريعية بعد إعادة انتخاب الرئيس إيمانويل ماكرون على رأس الدولة الفرنسية في شهر أبريل المنصرم 2022 وكذلك بالنظر إلى تراجع شعبية الرئيس ماكرون في الانتخابات الرئاسية الأخيرة مقارنة بانتخابات 2017.
المفاجأة كانت بنتائج الأولية للانتخابات التشريعية فقد كانت الصعود التاريخي للحزب اليمين المتطرف، التجمع الوطني الفرنسي، بزعامة المرشحة الرئاسية السابقة ماري لوبان بحصولها على 90 مقعدا، والرقم مرشح للارتفاع بعد انتهاء عمليات الفرز، ويعد هذا أكبر نتيجة برلمانية يفوز بها تيار اليمين القومي الفرنسي المتطرف في تاريخه.
وبذلك، يكون حزب ماري لوبان التي واجهت إيمانويل ماكرون في الدورة الحاسمة من الانتخابات الرئاسية، قد ضاعف عدد نوابه 15 مرة وتجاوز السقف المطلوب لتشكيل كتلة سياسية ضاغطة في الجمعية الوطنية، في سابقة منذ أكثر من 35 عاماً.
أما التحالف الرئاسي الذي يقوده الرئيس إيمانويل ماكرون تحالف معًا في المرتبة الأولى بحوالي 224 مقعدًا، أي إن حزب الرئيس قد فشل في الحصول على الأغلبية المطلقة، وسيتعين عليه تشكيل حكومة أقلية برلمانية.
أما تحالف اليسار الفرنسي بزعامة المرشح السابق جون لوك ميلونشون فقد حصل على حوالي 149 مقعدا برلمانيا، واعتبر ميلونشون النتيجة التي حصل عليها تحالف أقصى اليسار ،نجاحا ساحقا ممثلا في منع الرئيس ماكرون من الحصول على الأغلبية المطلقة.
ويشير مراقبون أن هذه النتائج تدل على أن فرنسا ستدخل في حالة “المساكنة السياسية” وهي الحالة التي يفوز فيها حزب برئاسة الدولة، بينما يفوز حزب آخر بالأغلبية البرلمانية، وينص الدستور على أن يتولى زعيم الأغلبية البرلمانية قيادة الحكومة، وهو ما يعني أن السلطة التنفيذية ستدار برأسين من حزبين وأيديولوجيتين مختلفتين؛ مما قد يزيد من احتمالية الصدام والتجاذب بين رئيس الجمهورية والوزير الأول، وقد شهدت فرنسا هذه الحالة الدستورية ثلاث مرات في تاريخها، مرتين في ظل حكم الرئيس فرانسوا ميتران، ومرة تحت حكم الرئيس جاك شيراك.
