تشهد تونس أزمات سياسية وإجتماعية وإقتصادية متصاعدة، مما أدى بالرئيس قيس سعيد إلى إتخاذ إجراءاته 25 جويلية، والتي جاءت في الوقت الضائع وجدت تأييد من غالبية التوانسة الذين ملو من الصراع بين الأحزاب داخل البرلمان وتوقف عجلة التنمية، وإختفاء الطبقة الوسطى.
وقد إستغلت الأطراف السياسية التي خسرت السلطة المناخ الديمقراطي في تونس، من أجل محاولة إستغلال الأزمات التي كانت من نتاجهم، واللعب على الوتر الإقتصادي والمعيشي، لتعطيل مسيرة الخطط التي ينتهجها الرئيس قيس سعيد، من خلال إستخدام الخروج للشارع مستفيدين من حق التظاهر الذين يسمح به القانون.
وهذا مايجب الحذر منه حتي لا تستغله تلك الأطراف لتحويلها لفوض لا تحمد عقباها. ويرى البعض بأن هذه الخرجات لن تأتى بالجديد فيما يتعلق بحل الأزمات وخاصة أن الأطراف التي تتبناها هي المتسببة فيها، وإنما هي دعوات تحمل نوايا وأهداف تخدم مصالحها !
الاتحاد العام للشغل
يمثل هذا المنتظم النقابي أكبر وأعرق مؤسسة في تونس والتي تأسست عام 1946 وتضم نصف مليون عضو، وقد لعبت دورا تاريخيا اجتماعيا واقتصاديا وسياسيا في مسيرة الدولة التونسية، فكان رافد مهم للحكومات التي ركزت على توثيق العلاقة معه من خلال التشاور في الإجراءات الإقتصادية تحديدا والسياسية ولعل أهم المراحل كانت في عهد الرئيس زين العابدين بن علي الذي شهدت فيها تونس استقرار اقتصادي، وحنكته في التعامل مع الإتحاد العام للشغل .
وقد إستفاد الإتحاد العام للشغل من التغيير السياسي في البلاد مابعد الثورة، ومارس دورا كبير في دعم الحوار السياسي والسلم المجتمعي.
وتوج ذلك بمنحه “جائزة نوبل للسلام” صحبة رباعي الحوار الوطني الرابطة التونسية للدفاع عن حقوق الإنسان ونقابة المحامين، والإتحاد التونسي للصناعة والتجارة عام 2015 .
ومرت علاقة الإتحاد العام للشغل طيلة الـ11 عام مع الحكومات المتعاقبة بالتوتر أحيانا والتفاهم في أحيانا أخرى، وخاصة السياسات الإقتصادية وفق برنامج كل حكومة.
وقد أيد الإتحاد اجراءات 25 جويلية التي قام بها الرئيس قيس سعيد، والتي توافقات مع مطالب التوانسة في التخلص البرلمان والاحزاب التي أوصلت البلاد للأزمات، ولكن هذا التأييد لن يكون مستمرا وفق رؤية الإتحاد العام الذي يتحرك بنا على حركة الشارع التونسي والأوضاع الإقتصادية والإجتماعية.
ونعتقد بأن ليس أمامه إلا الحكومة في ظل إنهاء الأطراف السياسية المنحلة.
ومن القضايا التي تسبب في توتر العلاقة مع الحكومة هو الإقراض من صندوق النقد الدولي، والتي يرفضها الإتحاد، في هذا السياق تقدم الإتحاد، مع منظمات أخرى، مبادرة لحل الأزمة السياسية والإقتصادية التي تمر بها تونس، لكن الرئيس التونسي رفضها.
وقد نظم الإتحاد العام في 4 مارس تظاهرة في العاصمة تونس في صفاقس إحتجاجا على الأوضاع الإقتصادية والإجتماعية في البلاد، وإعتقال المعارضين الذين يتهمهم الرئيس قيس سعيد بالتآمر على الدولة.
كذلك نظمت مايسمي “جبهة الخلاص الوطني” مظاهرة رافضا لحملة الإعتقال التي طالت معارضين.
هذه الإعتقالات التي يؤيدها غالبية التوانسة ويركزون إهتماماتهم على الخطوات القادمة التي سوف يتخذها الرئيس.
ونعتقد بأن الجمود الذي تشهده الساحة السياسية في تونس، إنعكس على إتحاد الشغل بسبب الركود وتوقف العجلة الإقتصادية، والضغوطات التي يمارسها العمال من أجل دور أكثر فعالية لإيجاد حلول للأزمات، وهذا مايحتم عليه التحاور مع السلطة ومشاركتها بدل الخلاف معها.
الموقف الدولي
صدرت تصريحات دولية من الولايات المتحدة الأمريكية تدعو لاحترام حقوق الإنسان وعدم التضييق على المعارضين، أما الإتحاد الأوروبي فقد دعا الحكومة والمعارضة للعمل من أجل تونس، وعبر عن دعمه لإجراء إصلاحات في البلاد، وتعلم الدول الأوروبية أهمية تونس التي تربطها بها شراكات وروابط إقتصادية عميقة.
وقد عبر الرئيس التونسي في عدة مناسبات عن رفضه للتدخل في الشؤون الداخلية لتونس.
ونعتقد بأن الموقف الدولي اكتفى بالتصريحات ولا يريد التدخل أكثر في ظل الأوضاع الدولية، وخاصة في ليبيا التي تعاني من عدم إستقرار، له تأثيرات على تونس ودول أوروبا.
لذلك يراهن المجتمع الدولي البرغماتي على إجراءات الحكومة التونسية في إيجاد الإستقرار في البلاد، بعد إنهاء المعارضة وإجراء إنتخابات جديدة.
البرلمان التونسي الجديدة – خطوة إلى الأمام
أصدر الرئيس التونسي مرسوما يقضي بدعوة أعضاء البرلمان الجديد لحضور جلسته الإفتتاحية يوم الاثنين المقبل.
كما أصدر مرسوما بحل المجالس البلدية حتى إجراء إنتخابات بلدية جديدة.
وتأتي هذه الإجراءات والتي يراها الرئيس ضرورية للقطيعة مع المراحل السابقة والتي أدخلت تونس في أزمات صعبة، تمهيدا للبدء في إجراء الإصلاحات الإقتصادية التي ينتظرها الشارع التونسي، وسوف يعتمد على البرلمان والمجالس البلدية لاحقا.
هذه الخطوات رأها البعض بأنها ضرورية من أجل تونس جديدة..!