أفريقيادوليسياسة

إهانة الإعتذار الفرنسية للجزائر

تقديم

الإعتذار أصعب الكلمات الفرنسية نطقا، عن فترة 132 سنة من الاستعمار الاستيطاني الإحلالي للجزائر، في زيارته السابق للجزائر قال الرئيس الفرنسي متحدثا لأحد شباب الجزائري : “إنك لم تعرف الاستعمار لماذا تحاول تشويش علي”.

لماذا تتخوف فرنسا من الاعتذار الرسمي للجزائر. فهو ليس مجرد كلمة تطمين لنوايا الحسنة، إنما يتبعه إلتزام أخلاقي و معرفي وسياسي، لفرنسا القيام بها كتغيير المصطلحات التاريخية من مناهجها الدراسية وإعادة ممتلكات تاريخية جزائرية بالمتاحف الفرنسية كمتحف الانسان، وإزالة تماثيل القادة العسكريين المتورطين باحتلال الجزائر ،واعادة الارشيف الجزائري ، ودفع تعويضات مالية لحوالي مليون ونصف شهيد جزائري، وتعويض الانفجارات النووية بالصحراء الجزائرية وضحاياها، هي الهم الأكبر لفرنسا.

وكان دائما يحاول إختيار تبريرات فلسفية للاعتذار، لتفسير أنطولوجية الاستعمار والآلام التي تتسبب بها لكل الأطراف، مفضلا بدلا عن ذلك خيار المصالحة ومواصلة جهود تهدئة الذاكرة المليئة بالجراح، قائلا: “إستعمرت فرنسا الجزائر بخيارات عسكرية، بعد ذلك بطريقة غير نمطية للغاية من منظور الضم والاستيطان، وتصرفت بشكل مختلف عما فعلته في أماكن أخرى، وكانت هناك الحرب التي خلقت عددًا كبيرًا من الأعمال الدرامية مع قصص لا يمكن التوفيق بينها في كثير من الأحيان، ثم جاء أخيرا الصمت بعد إنهاء الاستعمار. يجب أن نُذكّر بأنه خلال العقود الماضية، شارك جيل كامل من السياسيين الفرنسيين في النسيان”.

يقول ماكرون “العلاقة ما تزال مع فرنسا مؤلمة للغاية. هذه الصدمة نحسها ويمكننا رؤيتها والعودة إليها كلما أردنا، لكنني لا أريد أن أحصر نفسي في هذه الدائرة لأنني أعتقد أن هناك رغبة حقيقية من الرئيس الجزائري تبون، في بدء مرحلة جديدة.

أكّد ماكرون في حوار له مع مجلة Le point مع الكاتب الجزائري كمال داود، أنّه “لن يطلب الاعتذار من الجزائريين عن استعمار لبلدهم”،معتبرا أن أسوأ ما يمكن أن يحصل هو أن نقول: “نحن نعتذر وكل مِنّا يذهب في سبيله”، ولفت إلى أنّ “العمل على الذاكرة والتاريخ يعني الاعتراف بأن في طيّات ذلك أمورًا لا توصف، أمورًا لا تُفهم، أمورًا لا تُبرهَن، أمورًا ربما لا تُغتفر”.

في يوليو / تموز 2020 ، طرحت المجلة النيجيرية The Republic سؤالاً: “في إفريقيا ، ما هو المستقبل الذي يحق لنا أن نتمتع به دون الاعتراف العادل بالماضي؟ ثم أثارت الصحيفة الاستعمار البريطاني.

من المسلم به أن فرنسا لم تستعمر نيجيريا أبدًا، لكن السؤال نفسه يطرح نفسه بالنسبة لأفريقيا، مع إمكانية الذهاب إلى أبعد من ذلك: هل ينبغي لباريس أن تعتذر لمستعمراتها السابقة؟ نوقش هذا السؤال بقوة خلال المناقشات بين باريس وكيجالي، لكن قبل كل شيء إلى جانب الجزائر نود أن نحصل في يوم من الأيام على طلب الصفح من فرنسا.

قال الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون بشكل جازم، إنه لن يتقدم بالاعتذار للجزائر عن ماضي بلاده الاستعماري الأليم، لأن هذه الكلمة لن تُصلح حسبه أي شيء وستقطع الروابط بين البلدين، وأبرز أنه يأمل في استقبال نظيره الجزائري عبد المجيد تبون في باريس هذه السنة لمواصلة بناء العلاقات.

الذي لن يحدث ليس على المدى القصير على أي حال، أعلن الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون للتو أنه “لم يكن مضطرًا لطلب العفو” من الجزائر للاستعمار.

لكن بحسب رئيس الدولة الفرنسي، يجب أن نواصل عمل الذاكرة والمصالحة بين فرنسا والجزائر، موقف حساس مع تحسّن العلاقات بين باريس والجزائر في الأشهر الأخيرة، حيث من المتوقع أن يقوم عبد المجيد تبون بزيارة رسمية إلى فرنسا هذا العام.

ألمانيا تعتذر وليس فرنسا

بخلاف الاستعمار الجزائري فقد تمكنت فرنسا في رواندا من تجاهل طلب العفو في مايو، وتحدث إيمانويل ماكرون عن “مسؤولية” فرنسا عن الإبادة الجماعية في رواندا، دون أن يذهب إلى أبعد من ذلك.

في الحالة الجزائرية ، لن يكون من الوهم توقع إعتذار حقيقي: في عام 1962، تطلب الأمر حربًا دموية حتى تحصل الجزائر أخيرًا على استقلالها. هناك، إنخرط الجيش الفرنسي في التعذيب والإعدام،لكن طلب المغفرة لم يكن من اهتمامات قصر الإليزيه.

هل هو من المحرمات الفرنسية البحتة؟ على سبيل المثال ،ألمانيا ،يجب الرجوع للموقف الشجاع لدبلوماسية الألمانية وعدم تملص من المسؤولية والقانونية نتيجة الجرائم التي ارتكبتها فيما يتعلق بالإبادة الجماعية في ناميبيا بين عامي 1904 و 1908، وصفت هذه الأحداث رسميًا بما هي عليه من وجهة نظر اليوم: إبادة جماعية، وقال وزير الخارجية الألماني ، هيكو ماس: “في ضوء مسؤولية ألمانيا التاريخية والأخلاقية ، سنطلب العفو من ناميبيا وأحفاد الضحايا “.

يرفض إيمانويل ماكرون إتباع نفس النهج الذي اتبعه الألمان بإفريقيا، “الأسوأ ما يمكن ان يحصل هو ان نحن نعتذر، والجميع يسلك طريقه”، هناك الإجابة الخاطئة عنيفة مثل الإنكار والتنصل من المسؤولية التاريخية. لأنه في هذه الحالة ليس اعترافًا حقيقيًا،إنه رصيد أي حساب و عند تقديم تقريره عن الأفعال التي إرتكبها الجيش الفرنسي في الجزائر، رأى المؤرخ بنيامين ستورا نفسه أن طلب الاعتذار لن يكون فعالاً.

الأعذار التي من شأنها أن تكون مشروعة

إلا أنه بعد 132 سنة من الاستعمار والمجازر مثل سطيف ، والتي بلغت حصيلة القتلى 40 ألفاً ، بحسب المؤرخين الجزائريين ، يحق للجزائر أن تطلب اعتذاراً حقيقياً. في يوليو 2020 ،طلب عبد المجيد تبون ذلك من باريس. خاصة وأن إيمانويل ماكرون طلب المغفرة من الحركيين، في الاستعمار ، وكأنه يفضل القيام بعمل تاريخي لصالح فرنسا.

واجب الذاكرة لا الأعذار( …) وإذا لم يتعارض الاثنان؟ في الحقيقة، على فرنسا أن تعتذر عن ماضيها الاستعماري الذي يطارد كل من يمسهم، وقال دومينيك داي، نائب رئيس مركز أبحاث الأمم المتحدة المعني بالسكان المنحدرين من أصل أفريقي: “يجب أن نبدأ تمرينًا اكاديميا على الحقيقة والمصالحة ، ودراسة إرث المشروع الاستعماري والسرقة الثقافية الرهيبة”، وتابع على وجه الخصوص أن “على فرنسا أيضًا أن تحلل كيف ترتبط ثروتها واستقرارها ارتباطًا مباشرًا بعدم الاستقرار واستغلال مستعمراتها السابقة”.

معارضو طلب العفو يفضلون الاعتماد على تصريح مونتي لمبير في عام 1863، حيث قال الأكاديمي الفرنسي: “لكي نحكم على الماضي كان على المرء أن يعيش هناك لإدانته، سيكون من الضروري ألا ندين له بشيء “.

ترجمة عبدالله الحيمر بتصرف عن Le journal d’Afrique ( فريديريك أنجي توري)

https://anbaaexpress.ma/09sn5

عبدالله الحيمر

كاتب وناقد ومفكر مغربي .

تعليق واحد

  1. الجزائريون المقيمون في فرنسا والذين كان آباؤهم عونا للفرنسيين ألا يحسون بالعار

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى